عزيزتي ..
أنتِ كلّ ماكنت أتمناه في هذه الدنيا منذُ أنْ كنتُ طفلاً صغيراً لا أميّز الأشياء ، فتخيّلي أن يرى ذلكَ الطفل حلمه أمامه لأولِ مرة! .. لا تعلمين كم من الساعات التي ظليت فيها مستيقظاً بعد ذلك اليوم ، كم من الليالي التي خضتُ فيها معاركَ مع أقلامي وأحباري فقط لأسطّر ذلك الحلم ، لقد تعوّدتُ قبلك أن اكتبَ للأشياء ، وأتحدثُ عن الأشياء ، وقلمي ينزفُ على الأشياء .. ولكن بعد ذلك اليوم أنتِ أصبحتِ الأشياء وفي كلّ الأشياء فأصبح قلمي عاجزاً لا يسيلُ لشيءٍ غيرك ، ولا أستطيع أن اكتبَ حرفاً واحد دون أن تُذكّرني ورقاتي بك .. لو تعلمين كم من المرات التي راودتُّ فيها قلمي لأكتبَ لكِ سوف تشعرين بشيءٍ من الريبة .. كم من المرات التي راودتُّ فيها صفحةً بيضاء محتواها كان موجهٌ لكْ ولكن بالنهاية أتجمدُ وأمتنع عن الكتابة ; أتجمد لأنني أعلم أن اليومَ التي تقع فيه هذه الكتابات بين يديك سوف تُشعركِ بشيءٍ من الخوف والتخوّف وستعتقدين أنني مصابٌ بنوعٍ من أنواع الجنون ، لأننا لم نلتقي بعد "فكيف له أن يكتبَ لي!”.
عزيزتي .. أنا أعلم أننا لم نلتقِي ، وأنا أعلم أنني مصابٌ بالجنون .. وأعلم أيضاً أنكِ لِي ، فكيف لي أن لا أكتبَ لقلبكِ الحنون؟! .. فكيفَ لي وأنا كلّ مابداخلي يشتكِي ، قلبي يسألني مالنا لا نرى تلكَ العيون؟!.
عزيزتي .. أنا أعلم أننا لم نلتقِي ، وأنا أعلم أنني مصابٌ بالجنون .. وأعلم أيضاً أنكِ لِي ، فكيف لي أن لا أكتبَ لقلبكِ الحنون؟! .. فكيفَ لي وأنا كلّ مابداخلي يشتكِي ، قلبي يسألني مالنا لا نرى تلكَ العيون؟!.
عزيزتي .. أنا أعلمُ أنني أشعر بالأشياء زيادةً عن اللزوم ، ولكنني لا استطيع منعَ نفسي ، فأرجوكِ دعيني أكتبكْ .. فأنا بداخلي نيرانٌ مشتعلةٌ لا تنطفِي دعيني أُخمدها بِكتابتك .. دعيني أكتبكْ كما كتبَ قيسٌ ليلى وكما كُتبتْ كل الأساطير .. دعيني أكتبكْ وستظلينَ خالدةً مهما طال الزمان .. وستعيشين في كلّ العصور ومختلف الأماكن والأزمان .. دعيني أكتبكْ حتّى يقولُ الناس مرّ من هنا قمرٌ يسير على الأرض! .. دعيني أكتبكْ حتى إذا ذُكِر الجَمالُ قالوا “أتقصِدُ الرُّبى؟” … دعيني أكتبكْ حتّى أستطيع أن أتنفس ، حتى أستطيع أن أعيش ، حتى أستطيع أن أمارس حياتي .. دعيني أكتبكْ لِأزدهر ، لِأنمو ، لِأغدو ، لِأسمو .. دعيني أكتبكْ لتستقرّ نبضاتُ قلبي.
أرجوكِ دعيني أكتبكْ ياعزيزتي ، دعيني .. فأنا أحتاجُ كِتَابَتَكْ.